Tuesday, 2 January 2024

تطور النظرة الى أبعاد العالم

في أول مرحلة ، رأى البشر أنفسهم كأنهم يعيشون في بعدين فيمكنهم التحرك على مساحة هي سطح الأرض ولاحظوا أن هذا العالم يمكن أن يفصل الى بعدين بطريقة ثابتة وذات معنى وهي الخط الواصل بين موضع شروق الشمس و موضع غروبها والاتجاه العمودي عليه..لكنهم لاحظوا بعد مدة أن هذه الاتجهات ليست ثابتة لكن تتغير مع فصول السنة فعلموا أن فصل العالم ذي البعدين الى خطين متعامدين مسألة نسبية تعتمد على اختيارنا الحر. ثم هم بعد ذلك رأوا بعض الحيونات تطير لأعلى وتتحرك صعودا وهبوطا فعلموا أن الجهة العلوية أيضا هي بعد مثل البعدين الافقيين و أن العالم ثلاثي الأبعاد لكن الجهة العلوية لها خصوصية ولها قوانين تختلف عن الجهات الأفقية. ثم أكتشفت كروية الأرض التي اظهرت أن الاتجاه العلوي نسبي يعتمد على موضع الراصد في الأرض و أكتشف نيوتن قانون الجاذبية الذي أظهر أن صعوبة الحركة لأعلى ليس لخصوصية بالنسبة لقوانين الفيزياء للجهة العلوية لأنه حتى لو وضعنا جسمين ثقيلين على سطح الأرض سيوجد بينهما تجاذب في اتجاه افقي فاتضح من ذلك ان الجهة العلوية في ذاتها لا تختلف عن أي اتجاه أفقي على سطح الأرض فاصبح العالم في نظرهم ثلاثي الأبعاد ويمكن فصله الى أبعاده الثلاثة بأي طريقة نختارها. ثم لاحظ الناس بعد ذلك أن الزمن يشبه أبعاد المكان الثلاثة فكل حدث بسيط بتحدد بوقته في محور الزمن و موضعه في محاور المكان الثلاثة فعرفوا أن العالم رباعي الأبعاد مكون من عالم ثلاثي الابعاد يمكن ان نفصله لابعاده الثلاثة بطريقة تعتمد على اختيار الراصد لكن الزمن فيه حسابه مطلق لا يعتمد على الراصد. ثم ظهرت تجارب ونظريات قادت الفيزيائين الى النسبية الخاصة التي كان أحد نتائجها أن الزمن نفسه ليس بعدا خاصا في عالمنا الرباعي الأبعاد بل يمكن فصل العالم الى الأربعة أبعاد بالطريقة التي يختارها الراصد. بعد هذه الخبرة الطويلة تحررت نظرة العلماء للأبعاد وطرق فصلها ومزجها والاضافة عليها من القيود التي يقود اليها الحس المباشر ففكر الناس في انحناء مزيج الأبعاد الأربعة وجاءت النسبية العامة وربطت بين هذا الانحناء و المادة و تكلم العلماء عن امكانية وجود أكثر من أربعة أبعاد ولم تعد قضية اضافة بعد ومزجه مع الأبعاد المعروفة والتنظير في خواص المزيج و انفعاله بالمادة وفعله فيها قضية مدهشة أو مثيرة لأحد يعي هذا التاريخ الطويل.