Tuesday, 12 December 2023
هبة الله بن ملكا البغدادي اقترب من قانون نيوتن الثاني لكنه لم يصل اليه
ذكر بعض الكتاب الأفاضل أن هبة الله بن ملكا البغدادي هو المكتشف لقانون نيوتن الثاني قبل اسحق نيوتن وذلك حسب ما فهموه من كلام لهبة الله في كتابه المعتبر في الحكمة ونقاشاته عن العلاقة بين القوة المحركة و الحركة و إن كان غرضه في تلك المناقشات لم يكن هذه العلاقة بل بعض المسائل التي كانت تشغل الفلاسفة وقتئذ مثل الاختلاف في وجود الخلاء في الطبيعة بين المثبتين والمبطلين ومثل حقيقة السكون اللحظي الذي يفصل بين حركتين مثل حركة المقذوف لأعلى في الصعود والهبوط.
والحق يقال أن هبة الله أورد في هذه المناقشات ضمنا أو تصريحا كثير من المباديء الهامة جدا في علم الحركة وبغض النظر عن موقفه منها اثباتا أو نفيا فإن مجرد اثارتها بالنقاش يعد خطوة هامة للبحث فيها .
ولولا أن إدعاء السبق لأحد في أي مجال يحتاج دراسة مطولة وموسعة لكل من سبقوه في ذلك المجال لكان سهل جدا أن يقال أن بن ملكا سبق لقواعد هامة بخصوص علم الحركة .
لقد تقدم هبة الله في فهم العلاقة بين القوة و الحركة خطوات بعيدة جدا وذلك لانه كان على علم بمبدأ تحصيل القوة وهو أن الحركة لا تنتج من قوة واحدة بل من محصلة مجموعة من القوى فهو يسمي القوى التي تكون الحركة في اتجاهها "الميل القاهر" أو "القوة القاهرة"[1] ويسمى القوة الأخرى "القوة المقهورة" أو "الميل المقاوم"[2]
( مفهوم هبة الله عن الميل - في نظر علم اليوم- مضطرب قليلا:فاحيانا يستعمله بمعنى يشبه معنى القوة المحركة و أحيانا يستعمله بمعنى يشبه ما نسميه اليوم كمية التحرك)[3]
ثم تقدم هبة الله خطوات الى الصيغة المعروفة اليوم بين القوة والحركة بأن ربط بين قدرة القوة المحركة على التحريك والاسراع وبين ثقل الجسم (كتلته)[4].
أما الخطوة التي تعثر فيها هبة الله وتعسر عليه بعدها النهوض و التقدم بالعلاقة الى صيغتها الصحيحة هو أنه جعل تأثير القوة المحركة هو السرعة وليس العجلة وهذا واضح جدا عند نقاشه لحركة المقذوف، فهو يجعل سبب الاستقرار اللحظي (قضية الخلاف) في أعلى نقطة يصل اليها المقذوف هو تعادل قوتين هما القوة القاسرة (قوة اليد التي حركت المقذوف في بداية حركته ثم اختزنت فيه ميلا للحركة في الاتجاه لأعلى بعد مفارته لها) والقوة الأخرى هي القوة الطبعية أو الميل الطبيعي وهي قوة الجاذبية[5]. ومعلوم لدينا اليوم أن هذا التحليل للحركة لا يمكن أن ينسجم مع قانون نيوتن للحركة أبدا مهما فسرنا كلمة "ميل قاسر" هذه .. فاذا قلنا المقصود منها القوة فإن التأثير بقوة على الجسم توقف تماما بعد مفارقة المقذوف ليد القاذف و إن كان المقصود كمية التحرك فإن كمية تحرك الجسم عند أعلى نقطة لحظة السكون تساوي صفرا فلا يبقى فيها شيئا ليعادل الميل القسري ( الجاذبية).
وقد وجد بعض الكتاب في كلام لهبة الله ما ظنوا أنه يتصمن ربط القوة المحركة بالعجلة وليس السرعة وهو قول هبة الله:
(في صفحة 91 الطبعة الثانية منشورات جامعة اصفهان وهي موجود في الانترنت بصيغة بي دي إف لكنها رديئة الاخراج)
وكل حركة ففي زمان لا محالة فالقوة الأشد تحرك أسرع وفي زمان أقصر فكلما اشتدت القوة ازدادت السرعة فقصر الزمان فاذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة وفي ذلك أن تصير الحركة في غير زمان و أشد لأن سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة و أما المدة فقد قيل أن القوة التي تفعل في الأجسام فعلا تتناهى مدته لا تكون جسمانية.
وقد زعم هذا الكاتب أن قول هبة الله "سلب الزمان في السرعة" يعني العجلة، وهذا تفسير واضح البطلان لكلام هبة الله لو تأملناه وتاملنا سياقه بل لو فهمنا العبارة كما هي ببساطة. يتكلم هبة الله بوضوح ويربط بين القوة و السرعة ثم يتكلم عن حالة معينة وهي موضوع بحثه وهي القوة القصوى ويربطها بالسرعة القصوى و يقول أن (سلب الزمان في السرعة) يعني الانتقال من نقطة لنقطة في غير زمن هي (نهاية الشدة) فأين العجلة في هذا الكلام ؟ الواقع أن هذا الكلام يؤكد مذهب هبة الله في ربط القوة بالسرعة وليس العجلة.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment